فصل: كِتَابُ الْعِتْقِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى



.كِتَابُ الْعِتْقِ:

(الْعِتْقُ) لُغَةً: الْخُلُوصُ، وَمِنْهُ عَتَاقُ الْخَيْلِ، وَعِتَاقُ الطَّيْرِ؛ أَيْ: خَالِصُهَا، وَسُمِّيَ الْبَيْتُ الْحَرَامُ عَتِيقًا؛ لِخُلُوصِهِ مِنْ أَيْدِي الْجَبَابِرَةِ. وَ(هُوَ) شَرْعًا (تَحْرِيرُ الرَّقَبَةِ)؛ أَيْ: الذَّاتِ (وَتَخْلِيصُهَا مِنْ الرِّقِّ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، خُصَّتْ بِهِ الرَّقَبَةُ، وَإِنْ تَنَاوَلَ الْعِتْقُ جَمِيعَ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ لَهُ كَالْغَلِّ فِي رَقَبَةِ الْمَانِعِ لَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ، فَإِذَا عَتَقَ صَارَ كَأَنَّ رَقَبَتَهُ أُطْلِقَتْ مِنْ ذَلِكَ. يُقَالُ: عَتَقَ الْعَبْدُ وَأَعْتَقَهُ؛ فَهُوَ عَتِيقٌ وَمُعْتَقٌ، وَهُمْ عُتَقَاءُ، وَأَمَةٌ عَتِيقٌ وَعَتِيقَةٌ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى صِحَّتِهِ، وَحُصُولِ الْقُرْبَةِ بِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} وَقَوْلُهُ: {فَكُّ رَقَبَةٍ}، وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ إرْبٍ مِنْهَا إرْبًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ، حَتَّى أَنَّهُ لَيَعْتِقُ الْيَدَ بِالْيَدِ، وَالرِّجْلَ بِالرِّجْلِ، وَالْفَرْجَ بِالْفَرْجِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَحَدِيثُ: «أَيُّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا كَانَ فَكَاكَهُ مِنْ النَّارِ، يُجْزِي كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ، وَأَيُّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ كَانَتَا فَكَاكَهُ مِنْ النَّارِ، يُجْزِي كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُمَا عُضْوًا مِنْهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ. وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد مَعْنَاهُ، وَزَادَ فِيهِ: «وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَعْتَقَتْ امْرَأَةً مُسْلِمَةً كَانَتْ فَكَاكَهَا مِنْ النَّارِ، يُجْزِئُ كُلُّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهَا».
(وَ) الْعِتْقُ (مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ) لِأَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهُ كَفَّارَةً لِلْقَتْلِ وَالظِّهَارِ وَالْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ وَالْأَيْمَانِ، وَجَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَاكًا لِمُعْتِقِهِ مِنْ النَّارِ، وَلِأَنَّ فِيهِ تَخْلِيصَ الْآدَمِيِّ الْمَعْصُومِ مِنْ ضَرَرِ الرِّقِّ، وَمِلْكَهُ نَفْسَهُ وَمَنَافِعَهُ عَلَى حَسَبِ إرَادَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ. (وَأَفْضَلُ الرِّقَابِ) لِمَنْ أَرَادَ الْعِتْقَ (أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا)؛ أَيْ: أَعْظَمُهَا وَأَعَزُّهَا فِي أَنْفُسِ أَهْلِهَا (وَأَغْلَاهَا ثَمَنًا) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ أَحْمَدَ (وَفِي الْفُرُوعِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَافِرَةً) وِفَاقًا لِمَالِكٍ، وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ أَحْمَدَ، لَكِنْ يُثَابُ عَلَى عِتْقِهِ.
قَالَ فِي الْفُنُونِ لَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهِ، وَاحْتَجَّ بِهِ وَبِرِقِّ الذُّرِّيَّةِ عَلَى أَنَّ الرِّقَّ لَيْسَ بِعُقُوبَةٍ. بَلْ مِحْنَةٌ وَبَلْوَى. انْتَهَى.
وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ: الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ، وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ قَالَ: قُلْت: أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا».
(وَ) عِتْقُ (ذَكَرٍ) أَفْضَلُ مِنْ عِتْقِ أُنْثَى. سَوَاءٌ كَانَ مُعْتِقُهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْفَكَاكِ مِنْ النَّارِ (وَتَعَدُّدٌ) وَلَوْ مِنْ إنَاثٍ (أَفْضَلُ) مِنْ وَاحِدٍ، وَلَوْ ذَكَرًا. (وَسُنَّ عِتْقُ) مَنْ لَهُ كَسْبٌ وَدِينٌ، لِانْتِفَاعِهِ بِمِلْكِ كَسْبِهِ بِالْعِتْقِ (وَ) سُنَّ (كِتَابَةُ مَنْ لَهُ كَسْبٌ) وَدِينٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكَاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} وَلِانْتِفَاعِهِ بِمِلْكِ كَسْبِهِ فِي الْعِتْقِ. (وَكُرِهَا)؛ أَيْ: الْعِتْقُ وَالْكِتَابَةُ (إنْ كَانَ) الْعَتِيقُ (لَا قُوَّةَ لَهُ وَلَا كَسْبَ) لِسُقُوطِ نَفَقَتِهِ بِإِعْتَاقِهِ، فَيَصِيرُ كَلًّا عَلَى النَّاسِ، وَيَحْتَاجُ إلَى الْمَسْأَلَةِ، وَإِنْ كَانَ الرَّقِيقُ مِمَّنْ يُخَافُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَتَرْكُ إسْلَامِهِ، (أَوْ يَخَافُ مِنْهُ) إنْ أُعْتِقَ (زِنًا أَوْ) يَخَافُ مِنْ (فَسَادٍ) مِنْ قَطْعِ طَرِيقٍ وَسَرِقَةٍ، فَيُكْرَهُ عَتْقُهُ؛ لِئَلَّا يَكُونَ وَسِيلَةً إلَى مَحْرَمٍ (وَإِنْ عَلِمَ) ذَلِكَ مِنْهُ (أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ حَرُمَ) عَتْقُهُ؛ لِأَنَّ التَّوَسُّلَ إلَى الْمَحْرَمِ حَرَامٌ (وَ) إنْ أَعْتَقَهُ مَعَ عِلْمِهِ أَوْ ظَنِّهِ ذَلِكَ مِنْهُ (صَحَّ) الْعِتْقُ؛ لِأَنَّهُ إعْتَاقُ صَدْرٍ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، فَنَفَذَ كَعِتْقِ غَيْرِهِ. (وَيَتَّجِهُ) لَوْ أَعْتَقَ رَقِيقًا يَظُنُّ أَوْ يَعْلَمُ مِنْهُ وُقُوعَ الْفَسَادِ أَوْ الزِّنَا؛ فَإِنَّهُ يَصِحُّ (وَيُجْزِئُ) عِتْقُهُ (فِي كَفَّارَةٍ) أَوْ نَذْرٍ؛ لِأَنَّهُ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ سَلِيمَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُضِرَّةِ بِالْعَمَلِ، لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(فَائِدَةٌ):
: لَوْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ، وَاسْتَثْنَى نَفْعَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَشَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ وَنَحْوِهَا صَحَّ كَبَيْعِهِ كَذَلِكَ، أَوْ أَعْتَقَ وَاسْتَثْنَى خِدْمَتَهُ لِلْمُعْتِقِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الِاخْتِيَارَاتِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ؛ صَحَّ مَا ذَكَرَ مِنْ الْعِتْقِ والِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَعْتَقَتْ سَفِينَةَ، وَاشْتَرَطَتْ خِدْمَتَهُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عَاشَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (وَشُرِطَ لِصِحَّةِ عِتْقٍ كَوْنُهُ)؛ أَيْ: الْعِتْقِ (مِنْ مَالِكٍ) أَوْ مَأْذُونٍ لَهُ (جَائِزِ التَّصَرُّفِ) وَهُوَ الْبَالِغُ الرَّشِيدُ. (وَيَتَّجِهُ) عَدَمُ صِحَّتِهِ مِنْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (فَلَا يَصِحُّ) الْعِتْقُ (عَلَى الْأَصَحِّ)؛ أَيْ: عَلَى أَصَحِّ الْأَقْوَالِ (مِمَّنْ)؛ أَيْ: شَخْصٍ (لَمْ يَبْلُغْ) وَلَوْ مُمَيِّزًا، قَالَ النَّاظِمُ: وَلَا يَصِحُّ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَطَعَ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا عِتْقَ لِمُمَيِّزٍ، وَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الْمُوَفَّقُ: لَا يَصِحُّ عِتْقُ الصَّغِيرِ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ: (خِلَافًا لَهُ)؛ أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ فِي قَوْلِهِ: وَيَصِحُّ الْعِتْقُ مِمَّنْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ. وَمَا قَالَهُ فِي الْإِقْنَاعِ تَبِعَ فِيهِ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ. وَلَا يَصِحُّ الْعِتْقُ مِنْ سَفِيهٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مِنْهُ، وَلَا مِنْ مَجْنُونٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْقِلُ مَا يَقُولُ، وَلَا مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَبَيْعِهِ وَهِبَتِهِ وَصَدَقَةٍ بِهِ، وَلَا أَنْ يَعْتِقَ أَبٌ عَبْدَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ، كَمَا لَا يَصِحُّ عِتْقُ عَبْدِ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ، وَلَا عَبْدِ وَلَدِهِ الْمَجْنُونِ، وَلَا عَبْدِ يَتِيمِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ، وَلَا يَصِحُّ عِتْقُ الْمَوْقُوفِ وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ وَلَوْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِيهِ لَهُ- لِتَعَلُّقِ حَقِّ مَنْ يَأْتِي مِنْ الْبُطُونِ بَعْدَهُ. (وَصَرِيحُهُ لَفْظُ عِتْقٍ وَ) لَفْظُ (حُرِّيَّةٍ) لِأَنَّهُمَا لَفْظَانِ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِمَا، فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُمَا (كَيْفَ صُرِفَا) نَحْوُ قَوْلِهِ لِقِنِّهِ: أَنْتَ حُرٌّ، أَوْ أَنْتَ مُحَرَّرٌ، أَوْ حَرَّرْتُك، أَوْ أَنْتِ عَتِيقٌ أَوْ مُعْتَقٌ- بِفَتْحِ التَّاءِ- فَيَعْتِقُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ تَجَرَّدَ عَنْ النِّيَّةِ.
قَالَ أَحْمَدُ فِي رَجُلٍ لَقِيَ امْرَأَةً فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ: تَنَحِّي يَا حُرَّةُ، فَإِذَا هِيَ جَارِيَتُهُ، قَالَ: قَدْ عَتَقَتْ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِخَدَمٍ قِيَامٍ فِي وَلِيمَةٍ: مُرُّوا أَنْتُمْ أَحْرَارٌ، وَكَانَ فِيهِمْ أُمُّ وَلَدِهِ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا، قَالَ هَذَا بِهِ عِنْدِي تُعْتَقُ أُمُّ وَلَدِهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ تَصْرِيفِ لَفْظِ الْعِتْقِ وَالْحُرِّيَّةِ ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (غَيْرُ أَمْرٍ وَمُضَارِعٍ وَاسْمِ فَاعِلٍ) مِمَّنْ قَالَ لِرَقِيقِهِ حَرِّرْهُ، أَوْ أَعْتِقْهُ، أَوْ أُحَرِّرُهُ، أَوْ أُعْتِقُهُ أَوْ هَذَا مُحَرِّرٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ- أَوْ هَذَا مُعْتِقٌ بِكَسْرِ التَّاءِ، لَمْ يَعْتِقْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ طَلَبٌ وَوَعْدٌ، وَخَبَرٌ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهَا صَالِحًا لِلْإِنْشَاءِ وَلَا إخْبَارًا عَنْ نَفْسِهِ؛ فَيُؤَاخَذُ بِهِ، فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَاتِقٌ فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ يَعْتِقُ بِذَلِكَ. (وَيَقَعُ) الْعِتْقُ (مِنْ هَازِلٍ) كَالطَّلَاقِ وَ(لَا) يَقَعُ مِنْ (نَائِمٍ وَنَحْوِهِ) كَمُغْمًى عَلَيْهِ وَمَجْنُونٍ وَمُبَرْسَمٍ، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ مَا يَقُولُونَ قَالَ فِي الْفَائِقِ: نِيَّةُ قَصْدِ اللَّفْظِ مُعْتَبَرَةٌ؛ تَحَرُّزًا مِنْ النَّائِمِ وَنَحْوِهِ، وَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ النَّفَاذِ، وَلَا نِيَّةُ الْقُرْبَةِ؛ فَيَقَعُ عِتْقُ الْهَازِلِ انْتَهَى.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ نِيَّةُ قَصْدِ اللَّفْظِ؛ أَيْ: إرَادَةُ لَفْظِهِ لِمَعْنَاهُ، فَلَا عَتَاقَ لِحَاكٍ وَفَقِيهٍ يُكَرِّرُهُ وَنَائِمٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ. (وَلَا) يَقَعُ عِتْقٌ (إنْ) قَالَ لِرَقِيقِهِ: أَنْتَ حُرٌّ وَ(نَوَى بِالْحُرِّيَّةِ نَحْوَ عِفَّتِهِ) كَصِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ (وَكَرَمِ خُلُقِهِ) قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَأَمَّا إنْ قَصَدَ غَيْرَ الْعِتْقِ كَالرَّجُلِ يَقُولُ: عَبْدِي هَذَا حُرٌّ يُرِيدُ عِفَّتَهُ وَكَرَمَ أَخْلَاقِهِ، أَوْ يَقُولُ: لِعَبْدِهِ مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ؛ أَيْ: إنَّك لَا تُطِيعُنِي، وَلَا تَرَى لِي عَلَيْك حَقًّا وَلَا طَاعَةً، وَلَا يَعْتِقُ.
قَالَ حَنْبَلٌ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِغُلَامِهِ: أَنْتَ حُرٌّ، وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ حُرًّا أَوْ كَلَامًا شِبْهُ هَذَا: رَجَوْت أَنْ لَا يَعْتِقَ، وَأَنَا أَهَابُ الْمَسْأَلَةَ؛ لِأَنَّهُ نَوَى بِكَلَامِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ، فَانْصَرَفَ إلَيْهِ.
قَالَ (وَ) إنْ طَلَبَ الْعَبْدُ اسْتِحْلَافَ سَيِّدِهِ أَنَّهُ نَوَى بِحُرِّيَّتِهِ مَا ذَكَرَ، كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَ (يَحْلِفُ) السَّيِّدُ؛ لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْعَبْدِ، فَعَلَى هَذَا إنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ. يُقَالُ: امْرَأَةٌ حُرَّةٌ يَعْنُونَ عَفِيفَةً، وَتَمْدَحُ الْمَمْلُوكَ أَيْضًا بِذَلِكَ، وَيُقَالُ لِكَرِيمِ الْأَخْلَاقِ: حُرٌّ قَالَتْ سُبَيْعَةُ تَرْثِي عَبْدَ الْمُطَّلِبِ: وَلَا تَسْأَمَا أَنْ تَبْكِيَا كُلَّ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ عَلَى حُرٍّ كَرِيمِ الشَّمَائِلِ (وَ) إنْ قَالَ سَيِّدٌ لِرَقِيقِهِ (أَنْتَ حُرٌّ فِي هَذَا الزَّمَنِ أَوْ) أَنْتَ حُرٌّ فِي هَذَا الْبَلَدِ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ فِي هَذَا الْمَكَانِ، فَإِنَّهُ (يَعْتِقُ مُطْلَقًا)، سَوَاءٌ نَوَى الْعِتْقَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ إذَا عَتَقَ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان أَوْ بَلَدٍ لَا يَعُودُ رَقِيقًا فِي غَيْرِهَا. (وَكِنَايَتُهُ)؛ أَيْ: الْعِتْقِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا (مَعَ نِيَّتِهِ)؛ أَيْ: الْعِتْقِ أَوْ قَرِينَةٍ كَسُؤَالِ عِتْقٍ كَالطَّلَاقِ (خَلَّيْتُك، وَأَطْلَقْتُك، وَالْحَقْ بِأَهْلِك) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَفَتْحِ الْحَاءِ (وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْت، وَلَا سَبِيلَ) لِي عَلَيْك (أَوْ) لَا (سُلْطَانَ) لِي عَلَيْك (أَوْ) لَا (مِلْكَ) لِي عَلَيْك (أَوْ) لَا (رِقَّ) لِي عَلَيْك (أَوْ) لَا (خِدْمَةَ لِي عَلَيْك وَفَكَكْتُ رَقَبَتَك، وَوَهَبْتُك لِلَّهِ، وَرَفَعْتُ يَدِي عَنْك إلَى اللَّهِ، وَأَنْتَ لِلَّهِ أَوْ) أَنْتَ (مَوْلَايَ أَوْ) أَنْتَ (سَائِبَةٌ وَمَلَّكْتُك نَفْسَك. وَ) مِنْ الْكِنَايَةِ قَوْلُ السَّيِّدِ لِلْأَمَةِ (أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ) أَنْتِ (حَرَامٌ) وَفِي الِانْتِصَارِ وَكَذَا: اعْتَدِّي، وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ فِي لَفْظِ الظِّهَارِ (وَ) مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الْعِتْقُ (صَرِيحُ قَوْلِهِ)؛ أَيْ: السَّيِّدِ (لِمَنْ يُمْكِنُ كَوْنُهُ أَبَاهُ) مِنْ رَقِيقِهِ بِأَنْ كَانَ السَّيِّدُ ابْنَ عِشْرِينَ سَنَةً مَثَلًا وَالرَّقِيقُ ابْنَ ثَلَاثِينَ فَأَكْثَرَ (أَنْتَ أَبِي أَوْ) قَالَ لِرَقِيقِهِ الَّذِي يُمْكِنُ كَوْنُهُ (ابْنَهُ: أَنْتَ ابْنِي) فَيَعْتِقُ بِذَلِكَ فِيهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ (وَلَوْ كَانَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ) لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَ(لَا) عِتْقَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ (إنْ لَمْ يُمْكِنْ) كَوْنُهُ أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ (لِكِبَرٍ أَوْ صِغَرٍ وَنَحْوِهِ، وَلَمْ يَنْوِ بِهِ)؛ أَيْ: هَذَا الْقَوْلِ (عِتْقَهُ) لِتَحَقُّقِ كَذِبِ هَذَا الْقَوْلِ، فَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُرِّيَّةٌ كَقَوْلِهِ: هَذَا الطِّفْلُ أَبِي، أَوْ لِطِفْلَةٍ: هَذِهِ أُمِّي، وَكَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَهِيَ أَسَنُّ مِنْهُ: هَذِهِ ابْنَتِي، أَوْ قَالَ لَهَا: وَهُوَ أَسَنُّ مِنْهَا: هَذِهِ أُمِّي؛ لَمْ تَطْلُقْ، كَذَلِكَ هُنَا وَ(كـَ) قَوْلِهِ لِرَقِيقِهِ (أَعْتَقْتُك) مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ (أَوْ) قَوْلِهِ لَهُ (أَنْتَ حُرٌّ مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ وَكَ) قَوْلِهِ (أَنْتِ بِنْتِي لِعَبْدِهِ وَ) كَقَوْلِهِ (أَنْتَ ابْنِي لِأَمَتِهِ) وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ الْكَذِبِ؛ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّهُ مُحَالٌ وَكَذِبٌ يَقِينًا.
قَالَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ: قُلْت: وَإِنْ نَوَى بِهِ الْعِتْقَ؛ عَتَقَ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ لِكِبَرٍ وَنَحْوِهِ: أَنْتَ ابْنِي.
(وَ) يَحْصُلُ الْعِتْقُ (بِمِلْكٍ) مِنْ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ وَغَيْرِهِ (لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ بِنَسَبٍ) كَأَبِيهِ وَجَدِّهِ، وَإِنْ عَلَا، وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَأَخِيهِ وَأُخْتِهِ وَوَلَدِهِمَا وَإِنْ نَزَلَ، وَعَمِّهِ وَعَمَّتِهِ وَخَالِهِ وَخَالَتِهِ. وَضَابِطُهُ أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى حَرُمَ نِكَاحُهُ عَلَيْهِ لِلنَّسَبِ، سَوَاءٌ كَانَ الرَّحِمُ الْمَحْرَمُ مُخَالِفًا لَهُ فِي الدِّينِ أَوْ مُوَافِقًا، وَسَوَاءٌ مَلَكَهُ بِمِيرَاثِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ جَعَالَةٍ وَنَحْوِهَا (وَلَوْ) كَانَ الْمَمْلُوكُ (حَمْلًا) كَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَةَ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ الْحَامِلَ مِنْهُ؛ لِحَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا: «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمِ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ.، وَأَمَّا حَدِيثُ: «لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ، مَمْلُوكًا، فَيَشْتَرِيَهُ، فَيَعْتِقَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ فَيَشْتَرِيَهُ فَيَعْتِقَهُ بِشِرَائِهِ، كَمَا يُقَالُ: ضَرَبَهُ، فَقَتَلَهُ، وَالضَّرْبُ هُوَ الْقَتْلُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَمَّا كَانَ يَحْصُلُ بِهِ الْعِتْقُ تَارَةً دُونَ أُخْرَى؛ جَازَ عَطْفُ صِفَتِهِ عَلَيْهِ، كَمَا يُقَالُ: ضَرَبَهُ، فَأَطَارَ رَأْسَهُ، وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ أَنَّ الْعِتْقَ بِالْمِلْكِ آكَدُّ مِنْ التَّعْلِيقِ. فَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ ذِي رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ عَلَى مِلْكِهِ، فَمَلَكَهُ عَتَقَ بِمِلْكِهِ لَا بِتَعْلِيقِهِ، وَلَا يَعْتِقُ بِالْمِلْكِ ذُو رَحِمٍ غَيْرُ مَحْرَمٍ كَوَلَدِ عَمِّهِ وَعَمَّتِهِ، وَوَلَدِ خَالِهِ وَخَالَتِهِ، وَلَا يَعْتِقُ أَيْضًا مَحْرَمٌ بِرَضَاعٍ كَأُمِّهِ مِنْهُ وَأُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ مِنْهُ وَخَالَتِهِ مِنْهُ، أَوْ مَحْرَمٌ بِمُصَاهَرَةٍ كَأُمِّ زَوْجَتِهِ وَبِنْتِهَا وَحَلَائِلِ عَمُودَيْ النَّسَبِ؛ فَلَا يَعْتِقُونَ بِالْمِلْكِ؛ لِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَلِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِي عِتْقِهِمْ، وَلَا هُمْ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِمْ، فَيَبْقَوْنَ عَلَى الْأَصْلِ. (وَأَبٌ وَابْنٌ مِنْ زِنًا أَوْ رَضَاعٍ كَأَجْنَبِيَّيْنِ) فَلَا عِتْقَ بِمِلْكِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ نَصًّا؛ لِعَدَمِ ثُبُوتِ أَحْكَامِ الْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ مِنْ الْمِيرَاثِ وَالْحَجْبِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ وَثُبُوتِ الْوِلَايَةِ وَوُجُوبِ الْإِنْفَاقِ، وَكَذَا أَخٌ وَنَحْوُهُ مِنْ زِنًا. (وَيَعْتِقُ حَمْلٌ لَمْ يُسْتَثْنَ)؛ أَيْ: لَمْ يَسْتَثْنِهِ مُعْتِقٌ (بِعِتْقِ أُمِّهِ) لِأَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، فَفِي الْعِتْقِ أَوْلَى (مِنْ حِينِ عِتْقِ) أُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ عِتْقٌ مُنَجَّزٌ، فَعَتَقَ مِنْ حِينِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ مُنْفَصِلًا، وَعُلِمَ مِنْهُ صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ الْحَمْلِ فِي الْعِتْقِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعِتْقِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ كَالْمُنْفَصِلِ، وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعِلْمُ بِصِفَاتِ الْمُعَوَّضِ لِيُعْلَمَ هَلْ قَامَ مَقَامَ الْعِوَضِ أَوْ لَا، وَالْعِتْقُ تَبَرُّعٌ لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى مَعْرِفَةِ صِفَاتِ الْمُعْتَقِ، وَلَا تُنَافِيهِ الْجَهَالَةُ بِهِ، وَيَكْفِي الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ وَقَدْ وُجِدَ. (وَإِنْ) عَتَقَ أُمَّهُ (سِرَايَةً) كَعِتْقِ شَرِيكٍ مُوسِرٍ حِصَّتَهُ مِنْ الْأُمِّ، فَيَسْرِي الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهَا، وَيَدْخُلُ حَمْلُهَا تَبَعًا (وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ)؛ أَيْ: الْحَمْلَ رَبُّ الْأَمَةِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى أُمَّهُ مِنْ وَرَثَةِ مَيِّتٍ مُوصِي بِحَمْلِهَا لِغَيْرِهِ، فَأَعْتَقَهَا؛ فَيَسْرِي الْعِتْقُ إلَى الْحَمْلِ (إنْ كَانَ) مُعْتِقُهَا (مُوسِرًا بِقِيمَةِ الْحَمْلِ) يَوْمَ عِتْقِهِ كَفِطْرَةٍ (وَيَضْمَنُ) مُعْتِقُهَا (بِقِيمَتِهِ)؛ أَيْ: الْحَمْلِ (لِمَالِكِهِ) الْمُوصَى لَهُ بِهِ يَوْمَ وِلَادَتِهِ حَيًّا؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ (وَيَصِحُّ عِتْقُهُ)؛ أَيْ: الْحَمْلِ دُونَهَا؛ أَيْ: دُونَ أُمِّهِ نَصًّا؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْإِنْسَانِ الْمُنْفَرِدِ، وَلِهَذَا تُورَثُ عَنْهُ الْغُرَّةُ إنْ ضَرَبَ بَطْنَ أُمِّهِ فَأَسْقَطَتْهُ، كَأَنَّهُ سَقَطَ حَيًّا، وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَلَهُ وَيَرِثُ. (وَمَنْ مَلَكَ بِغَيْرِ إرْثٍ) كَشِرَاءٍ وَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَغَنِيمَةٍ (جُزْءًا) وَإِنْ قَلَّ (مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) كَأَبِيهِ وَابْنِهِ وَأَخِيهِ وَعَمِّهِ (وَهُوَ)؛ أَيْ: الْمَالِكُ لِذَلِكَ الْجُزْءِ (مُوسِرٌ بِقِيمَةٍ بَاقِيَةٍ فَاضِلَةٍ) عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ مَنْ يُمَوِّنُهُ (كَفِطْرَةٍ)؛ أَيْ: عَنْ نَفَقَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَا يَحْتَاجُهُ مِنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ (يَوْمَ مِلْكِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُوسِرٍ (عَتَقَ) عَلَيْهِ (كُلُّهُ)؛ أَيْ: كُلُّ الَّذِي مَلَكَ جُزْأَهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ سَبَبَ الْعِتْقِ اخْتِيَارًا مِنْهُ وَقَصْدًا إلَيْهِ، فَسَرَى عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ مُشْتَرِكٍ (وَعَلَيْهِ مَا يُقَابِلُ جُزْءَ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَةِ كُلِّهِ) فَيُقَدَّرُ كَامِلًا لَا عِتْقَ فِيهِ، وَتُؤْخَذُ حِصَّةُ الشَّرِيكِ مِنْهَا، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ أَعْتَقَ شُرُكًا فِي عَبْدٍ، وَهُوَ مُوسِرٌ (وَإِلَّا) يَكُنْ مُوسِرًا بِقِيمَةِ كُلِّ بَاقِيهِ (عَتَقَ) مِنْهُ (مَا يُقَابِلُ مَا هُوَ مُوسِرٌ بِهِ) مِمَّنْ مَلَكَ جُزْأَهُ بِغَيْرِ الْإِرْثِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوسِرًا بِشَيْءٍ مِنْهُ؛ عَتَقَ مَا مَلَكَهُ فَقَطْ (وَ) إنْ مَلَكَ جُزْأَهُ (بِإِرْثٍ لَمْ يَعْتِقْ) عَلَيْهِ (إلَّا مَا مَلَكَ) مِنْهُ (وَلَوْ) كَانَ الْوَارِثُ (مُوسِرًا) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَسَبَّبْ إلَى إعْتَاقِهِ؛ لِحُصُولِ مِلْكِهِ بِدُونِ قَصْدِهِ وَفِعْلِهِ (وَ) يَعْتِقُ عَلَيْهِ (بِفِعْلٍ) مُحَرَّمٍ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (فَمَنْ مَثَّلَ) بِتَشْدِيدِ الْمُثَلَّثَةِ، قَالَ أَبُو السَّعَادَاتِ: مَثَّلْت بِالْحَيَوَانِ أُمَثِّل تَمْثِيلًا: إذَا قَطَعْت أَطْرَافَهُ، وَبِالْعَبْدِ إذَا جَدَعَتْ أَنْفَهُ أَوْ أُذُنَهُ وَنَحْوَهُ (وَلَوْ) كَانَ التَّمْثِيلُ (بِلَا قَصْدٍ) كَمَا لَوْ حَصَلَ التَّمْثِيلُ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (وَيَتَّجِهُ أَوْ) كَانَ الْمُمَثَّلُ (غَيْرَ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) كَالصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ؛ إذْ لَا فَرْقَ فِي ضَمَانِ الْجِنَايَاتِ بَيْنَ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (بِرَقِيقِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَثَّلَ. (وَيَتَّجِهُ وَلَوْ) كَانَ رَقِيقُهُ (مُكَاتَبًا) إذْ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّقِيقِ الْمَحْضِ، هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، خِلَافًا لِجَمَاعَةٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (فَجَدَعَ)؛ أَيْ: قَطَعَ (أَنْفَهُ أَوْ) قَطَعَ (أُذُنَهُ أَوْ) قَطَعَ عُضْوًا مِنْهُ كَيَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ، أَوْ جَبَّهُ بِأَنْ قَطَعَ ذَكَرَهُ أَوْ (خَصَاهُ) بِأَنْ قَطَعَ خُصْيَتَيْهِ (أَوْ خَرَقَ) عُضْوًا مِنْهُ كَكَفِّهِ بِنَحْوِ مِسَلَّةٍ (أَوْ حَرَقَ عُضْوًا مِنْهُ) بِالنَّارِ كَأُصْبُعِهِ (عَتَقَ) نَصًّا (بِلَا حُكْمِ) حَاكِمٍ؛ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّ زِنْبَاعًا أَبَا رَوْحٍ وَجَدَ غُلَامًا لَهُ مَعَ جَارِيَتِهِ، فَقَطَعَ ذَكَرَهُ، وَجَدَعَ أَنْفَهُ، فَأَتَى الْعَبْدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا حَمَلَك عَلَى مَا فَعَلْت؟ قَالَ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ (وَلَهُ)؛ أَيْ: سَيِّدِ الْعَتِيقِ بِالتَّمْثِيلِ (وَلَاؤُهُ) نَصًّا لِعُمُومِ: ( «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ»). (وَكَذَا لَوْ اسْتَكْرَهَهُ)؛ أَيْ: الْقِنَّ سَيِّدُهُ (عَلَى الْفَاحِشَةِ) بِأَنْ لَاطَ بِهِ مُكْرَهًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُثْلَةِ (أَوْ وَطِئَ) سَيِّدٌ (مِنْ)؛ أَيْ: أَمَتِهِ الْمُبَاحَةِ الَّتِي (لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا لِصِغَرٍ، فَأَفْضَاهَا)؛ أَيْ: خَرَقَ مَا بَيْنَ سَبِيلَيْهَا، فَتُعْتَقُ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَلَوْ مَثَّلَ بِعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ؛ عَتَقَ نَصِيبُهُ، وَسَرَى الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهِ بِشَرْطِ كَوْنِ الْمُمَثِّلِ مُوسِرًا بِقِيمَةٍ بَاقِيَةٍ فَاضِلَةٍ كَفِطْرَةٍ، وَضَمِنَ لِلشَّرِيكِ قِيمَةَ حِصَّتِهِ يَوْمَ عِتْقِهِ. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ بِالْقَوْلِ. (وَلَا عِتْقَ بِخَدْشٍ وَضَرْبٍ وَلَعْنٍ) لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِي الْعِتْقِ بِذَلِكَ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَعْتِقْ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ هَدَّدَهُ (وَمَالُ مُعْتَقٍ بِغَيْرِ أَدَاءٍ) مِنْ قِنٍّ وَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ (عِنْدَ عِتْقٍ لِسَيِّدٍ) مُعْتِقٍ لَهُ. (وَيَتَّجِهُ) لَوْ فَعَلَ سَيِّدٌ بِرَقِيقِهِ مَا يَقْتَضِي عِتْقَهُ بِغَيْرِ أَدَاءً كَتَمْثِيلِهِ بِهِ وَنَحْوِهِ؛ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ؛ وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ مَا وَجَدَهُ بِيَدِ الرَّقِيقِ مِنْ الْمَالِ (وَلَوْ) كَانَ فِعْلَهُ ذَلِكَ (حِيلَةً) عَلَى أَخْذِ مَا بِيَدِهِ، كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ فِي نُجُومٍ مَعْلُومَةٍ، أَدَّاهُ بَعْضَهَا، وَبَقِيَ مَعَهُ مَالٌ أَضْعَافُ مَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ النُّجُومِ، فَمَثَّلَ بِهِ وَنَحْوُهُ سَيِّدُهُ؛ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَلَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ لِمُبَاشَرَتِهِ سَبَبَ الْعِتْقِ، لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ ذَلِكَ بِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ مَا عَلَيْهِ؛ فَبَاقِي مَا بِيَدِهِ لَهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ مَالَ مَنْ عَتَقَ بِغَيْرِ أَدَاءً لِسَيِّدِهِ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي أَيُّوبَ وَأَنَسٍ لِحَدِيثِ الْأَثْرَمِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ قَالَ لِغُلَامِهِ عُمَيْرٍ: يَا عُمَيْرُ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْتِقَك عِتْقًا هَيِّنًا؛ فَأَخْبِرْنِي بِمَالِكَ؛ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ غُلَامَهُ، فَلَمْ يُخْبِرْهُ بِمَالِهِ؛ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ». وَلِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَالَهُ كَانَا لِلسَّيِّدِ، فَأَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا، فَبَقِيَ مِلْكُهُ فِي الْآخَرِ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ؛ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ». فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ يَرْفَعُهُ: «مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ؛ فَالْمَالُ لِلْعَبْدِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، فَقَالَ أَحْمَدُ يَرْوِيه عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ أَهْل مِصْرَ، وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، كَانَ صَاحِبَ فِقْهٍ، فَأَمَّا فِي الْحَدِيثِ فَلَيْسَ فِيهِ بِالْقَوِيِّ.

.(فَصْلٌ): [عِتْقُ جُزْءِ العَبْدِ]:

(وَمَنْ أَعْتَقَ مِنْ قِنٍّ) يَمْلِكُهُ (جُزْءًا مُشَاعًا، كَنِصْفٍ، وَنَحْوِهِ) كَعُشْرٍ، أَوْ جُزْءٍ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ (أَوْ) أَعْتَقَ جُزْءًا (مُعَيَّنًا كَأَنْفٍ وَيَدٍ) وَرِجْلٍ وَأُصْبُعٍ وَنَحْوِهَا (لَا نَحْوِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَسِنٍّ) كَدَمْعٍ وَعَرَقٍ وَلَبَنٍ وَمَنِيٍّ وَبَيَاضٍ وَسَوَادٍ وَسَمْعٍ وَبَصَرٍ وَشَمٍّ وَلَمْسٍ وَذَوْقٍ (عَتَقَ كُلُّهُ) بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ؛ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ مَالِهِ». قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ، وَلِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ عَنْ بَعْضِ مَمْلُوكِ الْآدَمِيِّ، فَزَالَ عَنْ جَمِيعِهِ كَالطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى السِّعَايَةِ، وَلَا يَنْبَنِي عَلَى التَّغَلُّبِ وَالسِّرَايَةِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ: شَعْرُك أَوْ نَحْوُهُ حُرٌّ؛ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَزُولُ، وَيَخْرُجُ غَيْرُهَا؛ فَهِيَ فِي قُوَّةِ الْمُنْفَصِلَةِ. (وَمَنْ أَعْتَقَ كُلَّ) رَقِيقٍ (مُشْتَرَكٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ (وَلَوْ) كَانَ الرَّقِيقُ الْمُشْتَرَكُ (أُمَّ وَلَدٍ) بِأَنْ وَطْء اثْنَانِ أَمَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ، فَأَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِهِمَا فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدِهِمَا كَمَا يَأْتِي (أَوْ) كَانَ الرَّقِيقُ الْمُشْتَرَكُ (مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُسْلِمًا وَالْمُعْتِقُ) لَهُ (كَافِرًا وَ) لَمْ يُعْتِقْ كُلَّهُ، بَلْ أَعْتَقَ (نَصِيبَهُ) مِنْهُ فَقَطْ، أَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ نَصِيبِهِ؛ بِأَنْ كَانَ لَهُ فِيهِ نِصْفٌ، فَأَعْتَقَ رُبُعَهُ (وَهُوَ)؛ أَيْ: الْمُعْتَقُ (يَوْمَ عَتَقَ) كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ (مُوسِرٌ) (كَمَا مَرَّ) فِي فِطْرَةٍ (بِقِيمَةٍ بَاقِيَةٍ)؛ أَيْ: حَقُّ شَرِيكِهِ فِيهِ (عَتَقَ كُلُّهُ) عَلَى مُعْتِقِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (وَلَوْ مَعَ رَهْنِ شِقْصِ الشَّرِيكِ) وَكَوْنُهُ بِيَدِ مُرْتَهِنِهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْمُعْتِقِ (قِيمَتُهُ)؛ أَيْ: الشَّخْصِ الْمَرْهُونِ كَغَيْرِهِ تُجْعَلُ رَهْنًا (مَكَانَهُ) بِيَدِ مُرْتَهِنٍ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ؛ قُوِّمَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَعُمُومُ هَذَا الْحَدِيثِ يَشْمَلُ جَمِيعَ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ. (وَيُضْمَنُ شِقْصٌ) عَتَقَ عَلَى شَرِيكٍ بِالسِّرَايَةِ (مِنْ مُكَاتَبٍ) بِالْحِصَّةِ (بِقِيمَتِهِ مُكَاتَبًا) يَوْمَ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّفْوِيتِ عَلَى رَبِّهِ، وَلَا يَنْفُذُ عِتْقُ شَرِيكٍ لِنَصِيبِهِ بَعْدَ سِرَايَةِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَارَ حُرًّا بِعِتْقِ الْأَوَّلِ لَهُ، وَتَسْتَقِرُّ الْقِيمَةُ عَلَى الْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ (وَإِلَّا) يَكُنْ مُوسِرًا بِقِيمَةِ بَاقِيهِ كُلِّهِ (فـَ) إنَّهُ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ زِيَادَةً عَلَى مَا يَمْلِكُهُ إلَّا (مَا قَابَلَ مَا هُوَ)؛ أَيْ: الْمُعْتِقُ (مُوسِرٌ بِهِ) مِنْ قِيمَتِهِ (وَالْمُعْسِرُ يَعْتِقُ حَقَّهُ)؛ أَيْ: حِصَّتَهُ مِنْ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ (فَقَطْ) يَعْنِي وَلَا يَسْرِي عِتْقُهُ، إذَا كَانَ مُعْسِرًا إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ (وَيَبْقَى حَقُّ شَرِيكِهِ) فِي مِلْكِهِ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ( «وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ») فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ حِينَ اللَّفْظِ بِالْعِتْقِ؛ رُجِعَ إلَى قَوْلِ الْمُقَوِّمِينَ؛ لِأَنَّ لَهُمْ خِبْرَةً بِالْقِيمَةِ، وَهُمْ أَدْرَى بِهَا مِنْ غَيْرِهِمْ، وَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ بَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ: إنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى تَقْوِيمٍ فَلَا بُدَّ مِنْ قَاسِمَيْنِ. (وَمَنْ لَهُ نِصْفُ قِنٍّ، وَلِآخَرَ ثُلُثُهُ، وَلِثَالِثٍ سُدُسُهُ، فَأَعْتَقَ مُوسِرَانِ) مِنْ الشُّرَكَاءِ (حَقَّهُمَا) مِنْهُ (مَعًا) بِأَنْ تَلَفَّظَا بِذَلِكَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، أَوْ وَكَّلَا مَنْ أَعْتَقَ عَنْهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ (تَسَاوَيَا فِي ضَمَانِ) حَقِّ شَرِيكٍ (بَاقٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، لِأَنَّ عِتْقَ نَصِيبِ شَرِيكِهِمَا الثَّالِثِ عَلَيْهِمَا إتْلَافٌ لِرِقٍّ، وَقَدْ اشْتَرَكَا) فَتَسَاوَيَا فِي ضَمَانِهِ، وَيُفَارِقُ الشُّفْعَةَ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْ نَصِيبِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ؛ فَكَانَ اسْتِحْقَاقُهُ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِ، (وَ) تُسَاوَيَا فِي (وَلَائِهِ)؛ أَيْ: وَلَاءِ عِتْقِ مَا تَسَاوَيَا فِي ضَمَانِهِ، فَلَوْ كَانَ الْمُعْتِقَانِ مَعًا صَاحِبَ النِّصْفِ وَصَاحِبَ السُّدُسِ؛ كَانَ وَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّا إذَا حَكَمْنَا بِأَنَّ ثُلُثَ الشَّرِيكِ يَعْتِقُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهُ سُدُسٌ إذَا ضَمَمْنَاهُ إلَى النِّصْفِ الَّذِي لِأَحَدِهِمَا صَارَ ثُلُثَيْنِ، وَإِذَا ضَمَمْنَا السُّدُسَ الْآخَرَ إلَى سُدُسِ الْمُعْتِقِ صَارَ ثُلُثًا. وَلَوْ كَانَ اللَّذَانِ أَعْتَقَا مَعًا صَاحِبَ النِّصْفِ وَصَاحِبَ الثُّلُثِ؛ صَارَ لِمَنْ كَانَ لَهُ النِّصْفُ ثُلُثُ الْوَلَاءِ وَرُبُعُهُ، وَلِمَنْ كَانَ لَهُ الثُّلُثُ رُبُعُ الْوَلَاءِ وَسُدُسُهُ. وَلَوْ كَانَا صَاحِبَ الثُّلُثِ وَصَاحِبَ السُّدُسِ؛ صَارَ لِمَنْ كَانَ لَهُ الثُّلُثُ ثُلُثُ الْوَلَاءِ، وَرُبُعُهُ، وَلِمَنْ كَانَ لَهُ السُّدُسُ رُبُعُ الْوَلَاءِ وَسُدُسُهُ. وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا دُونَ الْآخَرِ؛ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ الثَّالِثِ دُونَ شَرِيكِهِ الْمُعْسِرِ؛ لِأَنَّ الْمُعْسِرَ لَا يَسْرِي عِتْقُهُ، فَيَكُونُ ضَمَانُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ الثَّالِثِ عَلَى الْمُوسِرِ خَاصَّةً، وَوَلَاؤُهُ لَهُ.
(وَ) قَوْلُ شَرِيكٍ فِي رَقِيقٍ (أَعْتَقْت نَصِيبَ شَرِيكِي لَغْوٌ) وَلَوْ مُوسِرًا، وَلَوْ رَضِيَ شَرِيكُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَصَرُّفَ لَهُ فِيهِ، وَلَا وِلَايَةَ عَلَيْهِ (كَقَوْلِهِ لَقِنِّ غَيْرِهِ أَنْتَ حُرٌّ مِنْ مَالِي أَوْ) أَنْتَ حُرٌّ (فِيهِ) أَيْ: مَالِي (فَلَا يَعْتِقُ) عَلَى قَائِلٍ (وَلَوْ رَضِيَ سَيِّدُهُ) لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى قِنِّ غَيْرِهِ (وَ) إنْ قَالَ شَرِيكٌ فِي قِنٍّ (أَعْتَقْت النَّصِيبَ) فَإِنَّهُ (يَنْصَرِفُ إلَى مِلْكِهِ) مِنْ رَقِيقٍ (ثُمَّ يَسْرِي) إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ إنْ كَانَ الْقَائِلُ مُوسِرًا بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ نَصِيبَهُ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ فِي دَارٍ بَيْنَهُمَا، قَالَ أَحَدُهُمَا: بِعْتُك نِصْفَ هَذِهِ الدَّارِ لَا يَجُوزُ، إنَّمَا لَهُ الرُّبُعُ مِنْ النِّصْفِ حَتَّى يَقُولَ نَصِيبِي (وَلَوْ وَكَّلَ شَرِيكٌ شَرِيكَهُ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ مِنْ رَقِيقٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَأَعْتَقَ الْوَكِيلُ نِصْفَهُ)؛ أَيْ: الْقِنِّ (وَلَا نِيَّةَ) لَهُ بِأَنْ لَمْ يَنْوِ نِصْفَ نَفْسِهِ وَلَا نِصْفَ مُوَكِّلِهِ (انْصَرَفَ) الْعِتْقُ (لِنَصِيبِهِ)؛ أَيْ: الْمُعْتِقِ دُونَ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي تَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ فِي مَالِهِ مَا لَمْ يَنْوِهِ عَنْ مُوَكِّلِهِ (وَأَيُّهُمَا)؛ أَيْ الشَّرِيكَيْنِ (سَرَى عَلَيْهِ) الْعِتْقُ بِعِتْقِهِ النِّصْفَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ شَرِيكِهِ (لَمْ يَضْمَنْهُ)؛ أَيْ: نَصِيبَ شَرِيكِهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَاهُ مَعًا (وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْ) شَرِيكَيْنِ (مُوسِرَيْنِ أَنْ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ) مِنْ رَقِيقٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا (عَتَقَ الْمُشْتَرَكُ لِاعْتِرَافِ كُلٍّ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (بِحُرِّيَّتِهِ وَصَارَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (مُدَعِّيًا عَلَى شَرِيكِهِ بِنَصِيبِهِ مِنْ قِيمَتِهِ) فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ لَهُ بِهَا (وَ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ (يَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمَا لِلْآخَرِ (لِلسِّرَايَةِ) فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا قُضِيَ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ، وَإِنْ نَكَلَا جَمِيعًا تَسَاقَطَا حَقَّاهُمَا، لِتَمَاثُلِهِمَا (وَوَلَاؤُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ) دُونَهُمَا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَدَّعِيه أَشْبَهَ الْمَالَ الضَّائِعَ (مَا لَمْ يَعْتَرِفْ أَحَدُهُمَا بِعِتْقِ) كُلِّهِ أَوْ جُزْئِهِ (فَيَثْبُتُ لَهُ) وَلَاؤُهُ (وَيَضْمَنُ حَقَّ شَرِيكِهِ)؛ أَيْ: قِيمَةَ حِصَّتِهِ؛ لِاعْتِرَافِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْحَالِ بَيْنَ كَوْنِهِمَا عَدْلَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ، مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ؛ لِتَسَاوِيهِمْ فِي الِاعْتِرَافِ وَالدَّعْوَى (وَيَعْتِقُ حَقُّ) شَرِيكٍ (مُعْسِرٍ فَقَطْ مَعَ يُسْرِ) الشَّرِيكِ (الْآخَرِ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُ، لِاعْتِرَافِ الْمُعْسِرِ بِأَنَّ نَصِيبَهُ صَارَ حُرًّا بِإِعْتَاقِ شَرِيكِهِ الْمُوسِرِ بِسِرَايَةِ عِتْقِهِ إلَى حِصَّةِ الْمُعْسِرِ، وَأَمَّا الْمُوسِرُ؛ فَلَا يَعْتِقُ نَصِيبَهُ، لِأَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّ الْمُعْسِرَ الَّذِي لَا يَسْرِي عِتْقُهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ؛ فَعَتَقَ وَحْدَهُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُعْسِرِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِإِيجَابِ قِيمَةِ حِصَّتِهِ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ بَيِّنَةٌ سِوَاهُ حَلَفَ الْمُوسِرُ وَبَرِئَ مِنْ الْقِيمَةِ، وَلَا وَلَاءَ لِلْمُعْسِرِ فِي نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيه، وَلَا لِلْمُوسِرِ أَيْضًا، فَإِذَا عَادَ الْمُعْسِرُ، فَاعْتَرَفَ بِالْعِتْقِ ثَبَتَ لَهُ وَلَاءُ حِصَّتِهِ، وَإِنْ عَادَ الْمُوسِرُ، فَاعْتَرَفَ بِإِعْتَاقِ نَصِيبِهِ، وَصَدَّقَهُ الْمُعْسِرُ مَعَ إنْكَارِ الْمُعْسِرِ لِعِتْقِ نَصِيبِهِ؛ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُعْسِرِ أَيْضًا، وَعَلَى الْمُوسِرِ غَرَامَةُ نَصِيبِ الْمُعْسِرِ وَلَهُ الْوَلَاءُ عَلَى جَمِيعِهِ (وَمَعَ عُسْرِيَّتِهِمَا)؛ أَيْ: الشَّرِيكَيْنِ الْمُدَّعِي كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ الْآخَرَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ (لَا يَعْتِقُ مِنْهُ)؛ أَيْ: الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ (شَيْءٌ) لِأَنَّ عِتْقَ الْمُعْسِرِ لَا يَسْرِي عَلَى شَرِيكِهِ، فَلَا اعْتِرَافَ لِأَحَدِهِمَا بِعِتْقِ نَصِيبِهِ، وَلَيْسَ فِي دَعْوَاهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى شَرِيكِهِ، فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ؛ فَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِمَا. (وَإِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ فَشَهِدَا)؛ أَيْ: فَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ (فَمَنْ حَلَفَ مَعَهُ) الرَّقِيقُ (الْمُشْتَرَكُ) بَيْنَهُمَا (عَتَقَ نَصِيبُ صَاحِبِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ بِشَهَادَتِهِ نَفْعًا إلَى نَفْسِهِ، وَلَا يَدْفَعُ عَنْهُمَا ضَرَرًا، فَلَا مَانِعَ مِنْ قَبُولِهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الرَّقِيقُ مَعَ شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا؛ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَحْصُلُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَدْلًا دُونَ الْآخِرِ حَلَفَ مَعَ شَهَادَةِ الْعَدْلِ، وَصَارَ نِصْفُهُ حُرًّا، وَيَبْقَى النِّصْفُ الْآخَرُ رَقِيقًا (وَأَيُّ الْمُعْسِرَيْنِ) الْمُتَدَاعِيَيْنِ (مَلَكَ مِنْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ الْمُعْسِرِ شَيْئًا عَتَقَ) عَلَيْهِ مَا مَلَكَهُ مِنْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (وَلَمْ يَسْرِ) الْعِتْقُ (إلَى نَصِيبِهِ) فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ لِمَا مَلَكَهُ حَصَلَ بِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِ بِإِعْتَاقِ شَرِيكِهِ، وَلَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ وَلَاءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيه، بَلْ يَعْتَرِفُ أَنَّ الْمُعْتِقَ غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مُخَلِّصٌ لَهُ مِمَّنْ يَسْتَرِقُّهُ ظُلْمًا؛ فَهُوَ كَمُخَلِّصِ الْأَسِيرِ مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ. وَفِي الْإِقْنَاعِ إنْ اشْتَرَى الْمُدَّعِي حَقَّ شَرِيكِهِ؛ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ مَعَ أَنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُهُ، وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ، وَلَوْ مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ؛ صَارَ الرَّقِيقُ الْمُشْتَرَكُ كُلُّهُ حُرًّا، وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ كَانَ مِلْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشِرَاءٍ مِنْ الْآخَرِ، ثُمَّ أَقَرَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ قَبْلَ بَيْعِهِ، وَصَدَقَ الْآخَرُ فِي شَهَادَتِهِ؛ بَطَلَ الْبَيْعَانِ، وَثَبَتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْوَلَاءُ عَلَى نِصْفِهِ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يُنَازِعُهُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُصَدِّقُ الْآخَرَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْوَلَاءِ. (وَمَنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُمَا أَعْتَقَا نَصِيبَهُمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً) بِأَنْ تَلَفَّظَا بِالْعِتْقِ مَعًا، أَوْ وَكَّلَا وَاحِدًا أَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا، فَدَخَلَهَا (فَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا) بِحَسَبِ مَا كَانَ لَهُمَا فِيهِ، وَلَا غُرْمَ؛ لِعَدَمِ السِّرَايَةِ. (وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ) مِنْهُمَا (أَنَّهُ الْمُعْتِقُ وَحْدَهُ أَوْ) ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا (أَنَّهُ السَّابِقُ) بِالْعِتْقِ لِيَخْتَصَّ بِالْوَلَاءِ، فَأَنْكَرَ الْآخَرُ (وَتَحَالَفَا)؛ أَيْ: حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى إنْكَارِ مَا ادَّعَاهُ شَرِيكُهُ (فَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) حَيْثُ كَانَ مِلْكُ الْعَبْدِ لَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا كَانَ لَهُ. (وَمَنْ قَالَ لِشَرِيكِهِ الْمُوسِرِ: إنْ أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ فَأَعْتَقَهُ)؛ أَيْ: نَصِيبَهُ الشَّرِيكُ الْمُوسِرُ (عَتَقَ الْبَاقِي) مِنْ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ (بِالسِّرَايَةِ) عَلَيْهِ (مَضْمُونًا) عَلَى الْمُوسِرِ بِقِيمَتِهِ؛ لِسَبْقِ السِّرَايَةِ، فَمَنَعْت عِتْقَ الشَّرِيكِ الْمُعَلَّقِ، وَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ لِلْمُوسِرِ (وَإِنْ كَانَ) الْمَقُولُ لَهُ إنْ أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ (مُعْسِرًا) وَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ (عَتَقَ عَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (نَصِيبُهُ) الْمُبَاشَرُ بِالتَّنْجِيزِ وَالْآخَرُ بِالتَّعْلِيقِ.
(وَ) إنْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ (إنْ أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ مَعَ نَصِيبِك، فَفَعَلَ)؛ أَيْ: أَعْتَقَ نَصِيبَهُ (عَتَقَ) الْمُشْتَرَكُ (عَلَيْهِمَا مُطْلَقًا)؛ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَا مُوسِرَيْنِ أَوْ مُعْسِرَيْنِ، أَوْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ، وَلَمْ يَلْزَمْ الْمُعْتِقُ شَيْءٌ؛ لِوُجُودِ الْعِتْقِ مِنْهُمَا مَعًا، فَهُوَ كَمَا لَوْ وَكَّلَ الشَّرِيكَانِ غَيْرَهُمَا فِي إعْتَاقِهِ، فَأَعْتَقَهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ قَالَ: إذَا أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ قَبْلَ إعْتَاقِك، فَأَعْتَقَ الْمَقُولُ لَهُ نَصِيبَهُ؛ وَقَعَ عِتْقُهُ عَنْهُمَا مَعًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا ضَمَانَ. (وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ صَلَّيْت مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهُ، فَصَلَّتْ كَذَلِكَ)؛ أَيْ: مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ (عَتَقَتْ وَصَحَّتْ) صَلَاتُهَا؛ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَهُوَ صَلَاتُهَا الصَّحِيحَةُ، وَلَغَا قَوْلُهُ قَبْلَهُ. (وَإِنْ) قَالَ لِرَقِيقِهِ (إنْ أَقْرَرْت بِك لِزَيْدٍ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَهُ، فَأَقَرَّ بِهِ لَهُ)؛ أَيْ: لِزَيْدٍ (صَحَّ إقْرَارُهُ) لَهُ (فَقَطْ) دُونَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ (وَ) إنْ قَالَ لِقِنِّهِ (إنْ أَقْرَرْت بِك لِزَيْدٍ فَأَنْتَ حُرٌّ مَعَ) إقْرَارِي، (أَوْ سَاعَةَ إقْرَارِي، فَفَعَلَ)؛ أَيْ: فَأَقَرَّ بِهِ لِزَيْدٍ (لَمْ يَصِحَّا)؛ أَيْ: الْإِقْرَارُ وَلَا الْعِتْقُ لِتَنَافِيهِمَا. (وَيَصِحُّ) (شِرَاءُ شَاهِدَيْنِ) أَوْ أَحَدِهِمَا (لِمَنْ)؛ أَيْ: رَقِيقٍ شَهِدَا عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَ(رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا بِعِتْقِهِ) (وَيَعْتِقُ) عَلَيْهِمَا (كَانْتِقَالِهِ)؛ أَيْ: مَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا لَهُ بِعِتْقِهِ (لَهُمَا بِغَيْرِ شِرَاءٍ) كَهِبَةٍ (وَلَا وَلَاءَ لَهُمَا) عَلَيْهِ؛ يَعْتَرِفَانِ أَنَّ الْمُعْتِقَ غَيْرُهُمَا، وَإِنَّمَا هُمَا مُخَلِّصَانِ لَهُ مِمَّنْ يَسْتَرِقُهُ ظُلْمًا (وَمَتَى رَجَعَ بَائِعٌ) فَاعْتَرَفَ بِعِتْقِهِ الْمَشْهُودِ بِهِ عَلَيْهِ مَعَ رَدِّ الشَّهَادَةِ (رَدَّ) الْبَائِعُ (مَا أَخَذَ) مِنْهُمَا عَلَى أَنَّهُ ثَمَنٌ وُجُوبًا؛ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ قَبْضَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ (وَاخْتَصَّ بِإِرْثِهِ) بِالْوَلَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ حَيْثُ بَقِيَ الشَّاهِدَانِ عَلَى شَهَادَتِهِمَا (وَيُوقَفُ) إرْثُهُ (إنْ رَجَعَ الْكُلُّ)؛ أَيْ: الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِعِتْقِهِ، وَرَجَعَ الْبَائِعُ عَنْ إنْكَارِهِ الْعِتْقَ بَعْدَ بَيْعِهِ (حَتَّى يَصْطَلِحُوا) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمْ. (وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ أَحَدٌ) مِنْهُمْ؛ بِأَنْ لَمْ يَرْجِعْ الْبَائِعُ عَنْ إنْكَارِ عِتْقِهِ، وَلَمْ يَرْجِعْ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ (فـَ) إرْثُهُ (لِبَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّ كُلًّا مُقِرٌّ بِأَنَّهُ لَا حَقٌّ لَهُ فِيهِ، فَيَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الَّتِي لَا يُعْرَفُ لَهَا مَالِكٌ.

.(فَصْلٌ): [تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ]:

(وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ كَ) قَوْلِهِ (إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ) لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ، فَصَحَّ كَالتَّدْبِيرِ (وَلَا يَمْلِكُ) السَّيِّدُ (إبْطَالَهُ)؛ أَيْ: التَّعْلِيقِ (مَا دَامَ مِلْكَهُ) عَلَى الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ؛ لِأَنَّهَا صِفَةٌ لَازِمَةٌ أَلْزَمَهَا نَفْسَهُ، فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهَا بِالْقَوْلِ كَالنَّذْرِ، وَلَوْ اتَّفَقَ السَّيِّدُ وَالرَّقِيقُ عَلَى إبْطَالِهِ؛ لَمْ يَبْطُلْ لِذَلِكَ (وَلَا يَعْتِقُ) مَقُولٌ لَهُ: إنْ أَعْطَيْتنِي أَوْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا (بِإِبْرَاءِ) سَيِّدِهِ لَهُ مِنْ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ يُبْرِئُهُ مِنْهُ (وَيَسْتَمِرُّ التَّعْلِيقُ) إلَى الْأَدَاءِ (فَإِذَا أَدَّى) الْمَقُولُ لَهُ ذَلِكَ (الْأَلْفَ كُلَّهُ عَتَقَ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (وَمَا فَضَلَ عَنْهُ)؛ أَيْ: الْأَلْفِ بِيَدِ رَقِيقٍ (فَلِسَيِّدٍ) كَالْمُنْجَزِ عِتْقُهُ، وَمَا يَكْسِبُهُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يَمْنَعُهُ إلَّا أَنَّ السَّيِّدَ يَحْسِبُ لَهُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْأَلْفِ، فَإِذَا كَمُلَ أَدَاؤُهُ؛ عَتَقَ، وَلَا يَكْفِيه إعْطَاؤُهُ مِنْ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ (وَ) إذَا عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى مَجِيءِ وَقْتٍ كَقَوْلِهِ (أَنْتَ حُرٌّ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ) لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَجِيءَ رَأْسُ الْحَوْلِ (أَوْ) قَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ (إلَى أَنْ يَجِيءَ فُلَانٌ فَحَتَّى يُوجَدَ) الْمَجِيءُ.
قَالَ أَحْمَدُ: إذَا قَالَ لِغُلَامِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إلَى أَنْ يَقْدُمَ فُلَانٌ وَيَجِيءَ فُلَانٌ، وَإِلَى رَأْسِ السَّنَةِ، وَإِلَى رَأْسِ الشَّهْرِ، إنَّمَا يُرِيدُ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ جَاءَ رَأْسُ الْهِلَالِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِصِفَةٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا؛ كَمَا لَوْ قَالَ: إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا، فَأَنْتَ حُرٌّ. (وَلَهُ)؛ أَيْ: السَّيِّدِ (أَنْ يَطَأَ) أَمَةً عَلَّقَ عِتْقَهَا بِصِفَةٍ قَبْلَ وُجُودِهَا؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا الْعِتْقَ بِوُجُودِ الصِّفَةِ لَا يَمْنَعُ إبَاحَةَ الْوَطْءِ كَالِاسْتِيلَادِ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ؛ فَإِنَّهَا اشْتَرَتْ نَفْسَهَا مِنْ سَيِّدِهَا، وَمَلَكَتْ أَكْسَابَهَا وَمَنَافِعَهَا (وَ) لِلسَّيِّدِ أَنْ (يَقِفَ) رَقِيقًا عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ قَبْلهَا (وَ) لَهُ أَنْ (يَنْقُلَ مِلْكَ مِنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ) بِصِفَةٍ (قَبْلَهَا) ثُمَّ إنْ وُجِدَتْ وَهُوَ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمُعَلَّقِ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِحَدِيثِ: «لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ وَلَا بَيْعَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ». وَلِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَقَعْ عِتْقُهُ كَمَا لَوْ نَجَّزَهُ (وَإِنْ عَادِ مِلْكُهُ)؛ أَيْ: الْمُعَلِّقِ بِشِرَائِهِ أَوْ إرْثِهِ وَنَحْوِهِ (وَلَوْ بَعْدَ وُجُودِهَا)؛ أَيْ: الصِّفَةِ (حَالَ زَوَالِهِ)؛ أَيْ: مِلْكِ الْمُعَلِّقِ عَنْهُ (عَادَتْ) الصِّفَةُ فَمَتَى وُجِدَتْ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ عَتَقَ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ وَالشَّرْطَ وُجِدَا فِي مِلْكِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا زَوَالُ مِلْكٍ وَلَا وُجُودُ صِفَةٍ حَالَ زَوَالِهِ، وَلَا يَعْتِقُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ بِكَمَالِهَا كَالْجُعَلِ فِي الْجَعَالَةِ. (وَيَبْطُلُ تَعْلِيقٌ بِمَوْتِ) الْمُعَلِّقِ؛ لِزَوَالِ مِلْكِهِ زَوَالًا غَيْرَ قَابِلٍ لِلْعَوْدِ (فَقَوْلُهُ): أَيْ: السَّيِّدِ لِرَقِيقِهِ (إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ، لَغْوٌ) كَقَوْلِهِ لِعَبْدِ غَيْرِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَلِأَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى صِفَةٍ تُوجَدُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَزَوَالِ مِلْكِهِ؛ فَلَمْ تَصِحَّ، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ بَيْعِي لَك فَأَنْتَ حُرٌّ، وَلِأَنَّهُ إعْتَاقٌ لَهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ مِلْكِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَعْتِقْ بِهِ كَالْمُنَجَّزِ. (وَيَصِحُّ) مِنْ مَالِكٍ قَوْلُهُ لِقِنِّهِ: (أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ) ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ أَبِي مُوسَى، كَمَا لَوْ وَصَّى بِإِعْتَاقِهِ، وَكَمَا لَوْ وَصَّى أَنْ تُبَاعَ سِلْعَتُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا (فَلَا يَمْلِكُ وَارِثٌ بَيْعَهُ)؛ أَيْ: الرَّقِيقِ الَّذِي قِيلَ لَهُ ذَلِكَ (قَبْلَهُ)؛ أَيْ: قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ (كـَ) مَا لَا يَمْلِكُ وَارِثٌ بَيْعَ (مُوصًى بِعِتْقِهِ قَبْلَهُ)؛ أَيْ: قَبْلَ عِتْقِهِ (أَوْ)؛ أَيْ: وَكَمَا لَا يَمْلِكُ بَيْعَ مُوصًى بِهِ (لِمُعَيَّنٍ قَبْلَ قَبُولِهِ)؛ أَيْ: قَبُولِ مَنْ أَوْصَى لَهُ بِهِ (وَكَسْبُهُ)؛ أَيْ: الْمَقُولِ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ (بَعْدِ مَوْتِ) سَيِّدِهِ (وَقَبْلَ انْقِضَاءِ شَهْرٍ لِوَرَثَةِ) سَيِّدِهِ، كَكَسْبِ أُمِّ الْوَلَدِ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهَا (وَكَذَا) قَوْلُ سَيِّدٍ لِرَقِيقِهِ: (اخْدِمْ زَيْدًا سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي، ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ) فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، وَخَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا عَتَقَ (فَلَوْ أَبْرَأَهُ زَيْدٌ مِنْ الْخِدْمَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ)؛ أَيْ: بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ. (عَتَقَ فِي الْحَالِ)؛ أَيْ: حَالَ إبْرَاءِ زَيْدٍ لَهُ مِنْ الْخِدْمَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهَا وُهِبَتْ لَهُ، فَبَرِئَ مِنْهَا (وَإِنْ جَعَلَهَا)؛ أَيْ: الْخِدْمَةَ (لِكَنِيسَةٍ) بِأَنْ قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: اخْدِمْ الْكَنِيسَةَ سَنَةً، ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ (وَهُمَا)؛ أَيْ: السَّيِّدُ وَالْقِنُّ (كَافِرَانِ، فَأَسْلَمَ) الـ (قِنُّ قَبْلَ خِدْمَتِهِ) وَبَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ (عَتَقَ مَجَّانًا)؛ أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْزَمَهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ الْمَشْرُوطَةَ عَلَيْهِ صَارَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَمْنَعُهُ مِنْهَا، فَيَبْطُلُ اشْتِرَاطُهَا، كَمَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ شَرْطًا بَاطِلًا.
(وَ) مَنْ قَالَ لِرَقِيقِهِ (إنْ خَدَمَتْ ابْنِي حَتَّى يَسْتَغْنِيَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَخَدَمَهُ حَتَّى كَبُرَ وَاسْتَغْنَى عَنْ رَضَاعٍ؛ عَتَقَ) فَإِنْ كَانَ مُسْتَغْنٍ عَنْ الرَّضَاعِ؛ فَلَا يَعْتِقُ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْ إلْقَامِ الطَّعَامِ، وَعَنْ التَّنَجِّي مِنْ الْغَائِطِ، وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ زَمَنِ الْخِدْمَةِ. فَمَنْ قَالَ لِقِنِّهِ: أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَخْدُمَ زَيْدًا مُدَّةَ حَيَاتِي؛ صَحَّ؛ لِحَدِيثِ سَفِينَةَ قَالَ: كُنْت مَمْلُوكًا لِأُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ: أَعْتِقُك، وَأَشْتَرِطُ عَلَيْك أَنْ تَخْدُمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عِشْت، فَقُلْت: إنْ لَمْ تَشْتَرِطِي عَلَيَّ مَا فَارَقْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عِشْت، فَاعْتِقِينِي وَاشْتَرِطِي عَلَيّ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ، وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَمَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلِأَنَّ الْقِنَّ وَمَنَافِعَهُ لِسَيِّدِهِ فَإِذَا أَعْتَقَهُ، وَاسْتَثْنَى مَنَافِعَهُ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ الرَّقَبَةَ، وَأَبْقَى الْمَنْفَعَةَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ عِلْمُ زَمَنِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَالزَّمَنُ يَخْتَلِفُ بِطُولِ الْمُدَّةِ وَقِصَرِهَا.
(وَ) لَوْ قَالَ مَالِكُهُ لِرَقِيقِهِ: (إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، فَفَعَلَهُ) كَأَنْ قَالَ لَهُ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، فَدَخَلَهَا (فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ صَارَ مُدَبَّرًا) لِوُجُودِ شَرْطِ التَّدْبِيرِ، وَهُوَ دُخُولُ الدَّارِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَاتَ سَيِّدُهُ؛ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ ظَرْفًا لِوُقُوعِ الْحُرِّيَّةِ؛ وَذَلِكَ يَقْتَضِي سَبْقَ وُجُودِ الشَّرْطِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَا بُدَّ أَنْ يَسْبِقَ الْجَزَاءَ. (وَيَصِحُّ) مِنْ حُرٍّ (لَا مِنْ رَقِيقٍ عِتْقُ قِنَّ غَيْرِهِ بِمِلْكِهِ) بِخِلَافِ الرَّقِيقِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّعْلِيقُ؛ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْعِتْقِ مِنْهُ حِينَ التَّعْلِيقِ؛ لِكَوْنِهِ لَا يَمْلِكُ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ يَمْلِكُ إذَا كَانَ مُكَاتَبًا، فَمِلْكُهُ ضَعِيفٌ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ كَمَالِ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِخِلَافِ الْحُرِّ. (وَيَتَّجِهُ) ب (احْتِمَالٍ) قَوِيٍّ (وَكَرَقِيقٍ) فِي الْحُكْمِ شَخْصٌ (غَيْرُ رَشِيدٍ) لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ عَلَّقَ عِتْقَ رَقِيقِهِ بِصِفَةٍ؛ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ (وَلَوْ مَلَكَهُ)؛ أَيْ: الرَّقِيقَ (بَعْدَ رُشْدِهِ) لِأَنَّهُ حِينَ عَقَدَ الصِّفَةَ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ مَمْنُوعًا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. وَالتَّعْلِيقُ (نَحْوُ) قَوْلِهِ: (إنْ مَلَكْت فُلَانًا) فَهُوَ حُرٌّ (أَوْ) قَوْلِهِ: (كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ) فَإِذَا مَلَكَهُ جَائِزُ التَّصَرُّفِ حِينَ التَّعْلِيقِ؛ عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى حَالٍ يَمْلِكُ عِتْقَهُ فِيهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ، وَهُوَ فِي مِلْكِهِ. وَرَوَى أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ: إنْ اشْتَرَيْت هَذَا الْغُلَامَ فَهُوَ حُرٌّ، فَاشْتَرَاهُ؛ عَتَقَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مَقْصُودٌ مِنْ الْمِلْكِ، وَالنِّكَاحُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الطَّلَاقُ، وَفَرَّقَ أَحْمَدُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا فِيهِ قُرْبَةٌ إلَى اللَّهِ. (وَيَتَّجِهُ) أَنَّ الْقَائِلَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ لَا يَثْبُتُ لَهُ مِلْكٌ عَلَى رَقِيقٍ أَصْلًا؛ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ، فَيَلْزَمُ (إذَنْ تَعَذُّرُ عِتْقِهِ)؛ أَيْ: الْقَائِلِ ذَلِكَ (قِنًّا عَنْ كَفَّارَةٍ) لَزِمَتْهُ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ رَقِيقًا يَعْتِقُ عَلَيْهِ (وَيُحْتَمَلُ) أَنَّ الْقَائِلَ ذَلِكَ إذَا لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهَا فِي عِتْقٍ (إلَّا فِي) صُورَةٍ هِيَ أَنْ يَقُولَ لِمَالِكِ عَبْدٍ: (أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي) فَيَفْعَلُ؛ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ذَلِكَ، وَيَقَعُ عَنْ كَفَّارَةِ الْقَائِلِ؛ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي ذَلِكَ، وَيَلْزَمُ الْقَائِلَ لِلْمَقُولِ لَهُ ثَمَنُ الْعَبْدِ بِالْتِزَامِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ: أَعْتِقْهُ وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ، وَالْوَلَاءُ لِمُعْتَقٍ عَنْهُ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوَلَاءِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
وَ(لَا) يَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقِ قِنٍّ (بِغَيْرِ مِلْكِهِ) لَهُ (نَحْوُ) قَوْلِهِ (إنْ كَلَّمْت عَبْدَ زَيْدٍ فَ) هُوَ (حُرٌّ، فَلَا يَعْتِقُ إنْ مَلَكَهُ، ثُمَّ كَلَّمَهُ) رِوَايَةً وَاحِدَةً، لِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِتَنْجِيزِهِ، فَلَمْ يَعْتِقْ بِتَعْلِيقِهِ، وَإِنَّمَا خُولِفَ الْقِيَاسُ فِي تَعْلِيقِهِ بِمِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مَقْصُودٌ مِنْ الْمِلْكِ (وَ) إنْ قَالَ جَائِزُ التَّصَرُّفِ: (أَوَّلُ) قِنٍّ أَمْلِكُهُ حُرٌّ (أَوْ) قَالَ: (آخِرُ قِنٍّ أَمْلِكُهُ) حُرٌّ (أَوْ) قَالَ: أَوَّلُ أَوْ آخِرُ مَنْ (يَطْلُعُ مِنْ رَقِيقِي حُرٌّ، فَلَمْ يَمْلِكْ إلَّا وَاحِدًا؛ عَتَقَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْأَوَّلِ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَهُ ثَانٍ، وَلَا مِنْ شَرْطِ الْآخِرِ أَنْ يَأْتِيَ قَبْلَهُ أَوَّلٌ، وَلِذَلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى: الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ (وَلَوْ مَلَكَ اثْنَيْنِ مَعًا أَوَّلًا وَآخِرًا) عَتَقَ وَاحِدٌ بِقُرْعَةٍ، وَكَذَا لَوْ طَلَعَ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ مَعًا، نَصًّا (أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ) فَهُوَ (حُرٌّ، فَوَلَدَتْ) وَلَدَيْنِ (حَيَّيْنِ) خَرَجَا (مَعًا عَتَقَ وَاحِدٌ بِقُرْعَةٍ) لِشُمُولِ صِفَةِ الْأَوَّلِيَّةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ، وَالْمُعَلِّقُ إنَّمَا أَرَادَ عِتْقَ وَاحِدٍ فَقَطْ، فَمُيِّزَ بِالْقُرْعَةِ.
(وَ) إنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: (آخِرُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حُرٌّ، فَوَلَدَتْ حَيًّا، ثُمَّ مَيِّتًا؛ لَمْ يَعْتِقْ حَيٌّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَخِرٍ، فَلَمْ تُوجَدْ فِيهِ الصِّفَةُ (وَعَكْسُهُ) بِأَنْ وَلَدَتْ مَيِّتًا، ثُمَّ وَلَدَتْ حَيًّا؛ فَإِنَّهُ (يَعْتِقُ) الْحَيُّ؛ لِوُجُودِ الصِّفَةِ فِيهِ (وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا)؛ أَيْ: الْوَلَدَيْنِ تَوْأَمَيْنِ (وَأَشْكَلَ) آخِرُهُمَا خُرُوجًا (أُخْرِجَ بِقُرْعَةٍ) لِأَنَّ أَحَدَهُمَا اسْتَحَقَّ الْعِتْقَ، وَلَمْ يُعْلَمْ بِعَيْنِهِ، فَوَجَبَ إخْرَاجُهُ بِالْقُرْعَةِ. وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ، أَوْ إنْ وَلَدْت وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ، فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا، ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا حَيًّا؛ لَمْ يَعْتِقْ الْحَيُّ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ إنَّمَا وُجِدَتْ فِي الْمَيِّتِ، وَلَيْسَ مَحَلُّ الْعِتْقِ، فَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِهِ.
(وَ) إنْ قَالَ لِإِمَائِهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ (أَوَّلُ أَمَةٍ) لِي تَطْلُعُ (أَوْ) أَوَّلُ (امْرَأَةٍ لِي تَطْلُعُ) فَالْأَمَةُ (حُرَّةٌ أَوْ) الْمَرْأَةُ (طَالِقٌ، فَطَلَعَ الْكُلُّ) مِنْ إمَائِهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ مَعًا (أَوْ) طَلَعَ (اثْنَتَانِ) مِنْهُنَّ (مَعًا عَتَقَ) مِنْ الْإِمَاءِ وَاحِدَةَ بِقُرْعَةٍ (وَطَلَّقَ) مِنْ الزَّوْجَاتِ (وَاحِدَةً بِقُرْعَةٍ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْأَوَّلِيَّةِ شَامِلَةٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِانْفِرَادِهَا، وَالْمُعْتِقُ وَنَحْوُهُ إنَّمَا أَرَادَ عِتْقَ أَوْ طَلَاقَ إحْدَاهُنَّ، فَتُمَيَّزُ بِالْقُرْعَةِ، إذْ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَتِهَا إلَّا بِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ (لَا أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ شَيْءٌ خِلَافًا لَهُ)؛ أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ (فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ) وَأَوَّلُ مَنْ تَقُومُ مِنْكُنَّ فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ أَوَّلُ مَنْ قَامَ مِنْ عَبِيدِي فَهُوَ حُرٌّ، فَقَامَ الْكُلُّ دَفْعَةً وَاحِدَةً؛ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ تَبِعَ فِيهِ الشَّرْحَ والْمُبْدِعَ وَهُوَ احْتِمَالٌ مَرْجُوحٌ (وَإِنْ) قَالَ لِإِمَائِهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ: أَوَّلُ مَنْ قَامَتْ مِنْكُنَّ فَهِيَ حُرَّةٌ فَ (قَامَ) مِنْهُنَّ (اثْنَتَانِ فَأَكْثَرُ مَعًا، ثُمَّ قَامَتْ) مِنْهُنَّ (أُخْرَى؛ وَقَعَ) الْعِتْقُ أَوْ الطَّلَاقُ (بِمَنْ قَامَ) مِنْهُنَّ (أَوَّلًا) وَتَخْرُجُ بِقُرْعَةٍ (وَ) إنْ قَالَ جَائِزُ التَّصَرُّفِ: (آخِرُ قِنٍّ أَمْلِكُهُ) فَهُوَ (حُرٌّ، فَمَلَكَ عَبِيدًا) أَوْ إمَاءً أَوْ مِنْ الصِّنْفَيْنِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ (ثُمَّ مَاتَ) السَّيِّدُ (فـَ) يَعْتِقُ (آخِرُهُمْ) مِلْكًا (مِنْ حِينِ مَلَكَهُ) سَوَاءٌ كَانَ الْمِلْكُ بِشِرَاءٍ أَوْ اتِّهَابٍ أَوْ إصْدَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ مَا دَامَ حَيًّا يُحْتَمَلُ أَنْ يَشْتَرِيَ وَنَحْوُهُ آخِرٌ بَعْدَ الَّذِي فِي مِلْكِهِ، فَيَكُونُ هُوَ الْآخِرُ، فَلَا يُحْكَمُ بِعِتْقِ وَاحِدٍ مِنْ رَقِيقِهِ، فَإِذَا مَاتَ عَلِمْنَا أَنَّ آخِرَ مَا مَلَكَهُ هُوَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ يَقِينًا (وَكَسْبُهُ)؛ أَيْ: الَّذِي تَبَيَّنَ عِتْقُهُ (لَهُ) دُونَ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مِنْ حِينِ انْتِقَالِهِ إلَيْهِ. (وَيَحْرُمُ) عَلَى مَنْ قَالَ: آخِرُ قِنٍّ أَمْلِكُهُ حُرٌّ (وَطِئَ أَمَةً) اشْتَرَاهَا وَنَحْوُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (حَتَّى يَمْلِكَ غَيْرَهَا) لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَمْلِكَ بَعْدَهَا قِنًّا، فَتَكُونُ حُرَّةً مِنْ حِينِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ، وَيَكُونُ وَطْؤُهُ فِي حُرَّةٍ أَجْنَبِيَّةٍ؛ وَلَا يَزُولُ هَذَا الِاحْتِمَالُ إلَّا بِمِلْكِهِ غَيْرَهَا، وَكَذَا الثَّانِيَةُ وَهَلُمَّ جَرًّا، كُلَّمَا مَلَكَ أَمَةً حُرِّمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا حَتَّى يَمْلِكَ غَيْرَهَا. (تَنْبِيهٌ): فَإِنْ مَلَكَ قَائِلُ ذَلِكَ أَمَةً، وَأَتَتْ مِنْهُ بِأَوْلَادٍ، وَمَاتَ، وَتَبَيَّنَ أَنَّهَا آخِرُ مَا مَلَكَ مِنْ الْأَرِقَّاءِ، كَانَ أَوْلَادُهَا أَحْرَارًا مِنْ حِينِ عَلِقَتْ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ حُرَّةٍ فَتَبِعُوهَا، وَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا آخِرٌ؛ فَعَلَيْهِ مَهْرُهَا؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَطِئَ حُرَّةً بِشُبْهَةٍ.
(وَ) إنْ قَالَ (آخِرُ مَنْ تَدْخُلُ الْحَمَّامَ) مِنْ زَوْجَاتِهِ (طَالِقٌ، فَدَخَلَ بَعْضُهُنَّ)؛ أَيْ: زَوْجَاتِهِ (لَمْ يُحْكَمْ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى يَيْأَسَ مِنْ دُخُولِ غَيْرِهَا بِمَوْتِهِ)؛ أَيْ: الزَّوْجِ (أَوْ) يَيْأَسَ بِـ (مَوْتِهِنَّ)؛ أَيْ: الزَّوْجَاتِ (فَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (بِآخِرِهِنَّ دُخُولًا مِنْ حِينِ مَوْتِهِ، وَكَذَا) حُكْمُ (عِتْقٍ) إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَمِثْلُهَا فِي الْحُكْمِ لَوْ قَالَ سَيِّدٌ لِعَبْدِهِ: إنْ لَمْ أَضْرِبْك عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ مَثَلًا فَأَنْتَ حُرٌّ، وَلَمْ يَنْوِ وَقْتًا؛ لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمَا، فَيَعْتِقُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ؛ لِلْيَأْسِ مِنْ ضَرْبِهِ، وَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ صَحَّ، وَلَمْ يُفْسَخْ الْبَيْعُ (وَيَتْبَعُ مُعْتِقَهُ بِصِفَةٍ) عَلَّقَ عَلَيْهَا عِتْقَهَا (وَلَدٌ)؛ أَيْ: وَلَدُهَا فِي عِتْقِهِ إنْ (كَانَتْ حَامِلًا بِهِ حَالَ عِتْقِهَا) بِوُجُودِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا عَلَيْهَا؛ لِوُجُودِ الْعِتْقِ فِيهَا، وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ، فَتَبِعَهَا وَلَدُهَا فِي الْعِتْقِ كَالْمُنَجَّزِ عِتْقُهَا (أَوْ) كَانَتْ حَامِلًا بِهِ (حَالَ تَعْلِيقِهِ)؛ أَيْ: الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَ التَّعْلِيقِ كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا، فَسَرَى التَّعْلِيقُ إلَيْهِ، فَلَوْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ، ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ؛ عَتَقَتْ هِيَ وَوَلَدُهَا؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ فِي الصِّفَةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَتَقَتْ وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ.
وَ(لَا) يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ (مَا)؛ أَيْ: وَلَدٌ (حَمَلَتْهُ، وَوَضَعَتْهُ بَيْنَهُمَا)؛ أَيْ: بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَوُجُودِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ حَالَ التَّعْلِيقِ وَلَا حَالَ وُجُودِ الصِّفَةِ، كَمَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا قَبْلَ التَّعْلِيقِ.
(وَ) مَنْ قَالَ لِقِنِّهِ: (أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك أَلْفٌ) فَإِنَّهُ (يَعْتِقُ بِلَا شَيْءٍ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَجَعَلَ عَلَيْهِ عِوَضًا لَمْ يَقْبَلْهُ، فَعَتَقَ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (وَ) إنْ قَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ (عَلَى أَلْفٍ أَوْ) أَنْتَ حُرٌّ (بِأَلْفٍ، أَوْ) أَنْتَ حُرٌّ (عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا، أَوْ) قَالَ لَهُ: (بِعْتُك نَفْسَك بِأَلْفٍ، لَا يَعْتِقُ حَتَّى يَقْبَلَ) لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَلَى عِوَضٍ، فَلَمْ يَعْتِقْ بِدُونِ قَبُولِهِ، وَلِأَنَّ عَلَى تُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ وَالْعِوَضِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُك عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْت رُشْدًا} وَقَالَ تَعَالَى: {فَهَلْ نَجْعَلُ لَك خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} وَقَالَ تَعَالَى: {إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَك إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ}
(وَ) مَنْ قَالَ لِقِنِّهِ: أَنْتَ حُرٌّ (عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي سَنَةً) وَنَحْوَهَا كَشَهْرٍ فَإِنَّهُ (يَعْتِقُ) فِي الْحَالِ (بِلَا قَبُولٍ) مِنْهُ (وَتَلْزَمُهُ الْخِدْمَةُ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْعِتْقِ وَاسْتِثْنَاءِ الْخِدْمَةِ، وَهُوَ صَحِيحٌ (وَكَذَا لَوْ اسْتَثْنَى خِدْمَتَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ أَوْ) اسْتَثْنَى (نَفْعَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً) فَيَصِحُّ لِخَبَرِ سَفِينَةَ (وَلِلسَّيِّدِ بَيْعُهُمَا)؛ أَيْ: بَيْعُ الْخِدْمَةِ وَمُدَّةِ النَّفْعِ الْمَعْلُومَةِ (لِلْعَبْدِ أَوْ غَيْرِهِ) نَقَلَ حَرْبٌ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِهِمَا مِنْ الْعَبْدِ أَوْ مِمَّنْ شَاءَ، قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَبِيعِ الْإِجَارَةُ؛ أَيْ: لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْبَيْعِ السَّابِقَةِ لَا تَتَأَتَّى فِي الْخِدْمَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ (وَإِنْ مَاتَ سَيِّدٌ بِأَثْنَائِهَا)؛ أَيْ: الْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ (رَجَعَ وَرَثَةٌ عَلَيْهِ)؛ أَيْ: الْقِنِّ (بِقِيمَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْخِدْمَةِ) لِأَنَّ الْعِتْقَ عَقْدٌ لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ، فَإِذَا تَعَذَّرَ فِيهِ اسْتِيفَاءُ الْعِوَضِ؛ رَجَعَ إلَى قِيمَتِهِ كَالنِّكَاحِ وَالْمُصَالِحِ فِيهِ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي أَثْنَائِهَا؛ رَجَعَ مُسْتَأْجِرُهُ عَلَى السَّيِّدِ أَوْ وَرَثَتُهُ بِمَا يُقَابِلُ مَا بَقِيَ، قَالَهُ شَيْخُنَا (وَلَوْ بَاعَهُ)؛ أَيْ: بَاعَ السَّيِّدُ قِنَّهُ (نَفْسَهُ بِمَالٍ فِي يَدِهِ)؛ أَيْ: الْقِنِّ (صَحَّ) ذَلِكَ وَعَتَقَ لِأَنَّهُ كَالتَّعْلِيقِ (وَلَهُ)؛ أَيْ: السَّيِّدِ (وَلَاؤُهُ) لِعُمُومِ: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ».
(وَ) إنْ قَالَ لِقِنِّهِ: (جَعَلْت عِتْقَك إلَيْك أَوْ) قَالَ لَهُ: (خَيَّرْتُك) فِي عِتْقِك (وَنَوَى) بِذَلِكَ (تَفْوِيضَهُ)؛ أَيْ: الْعِتْقِ (إلَيْهِ)؛ أَيْ: الْقِنِّ (فَأَعْتَقَ) الْقِنُّ (نَفْسَهُ فِي الْمَجْلِسِ؛ عَتَقَ وَإِلَّا) يَعْتِقْ نَفْسَهُ فِي الْمَجْلِسِ (فَلَا) يَعْتِقُ لِتَرَاخِيهِ بِذَلِكَ (وَ) إنْ قَالَ قِنٌّ لِآخَرَ: (اشْتَرِنِي مِنْ سَيِّدِي بِهَذَا الْمَالِ وَأَعْتِقْنِي، فَاشْتَرَاهُ بِعَيْنِهِ)؛ أَيْ: الْمَالِ الَّذِي أَعْطَاهُ لَهُ الْقِنُّ، وَأَعْتَقَهُ (لَمْ يَصِحَّا)؛ أَيْ: الشِّرَاءُ وَالْعِتْقُ لِشِرَائِهِ بِعَيْنِ مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَلَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ، وَلَمْ يَنْفُذْ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ مَمْلُوكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَمَا أَخَذَهُ السَّيِّدُ فَمَالُهُ (وَإِلَّا) يَشْتَرِهِ بِعَيْنِ الْمَالِ بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ وَأَعْتَقَهُ، صَحَّ الشِّرَاءُ وَ(عَتَقَ وَلَزِمَ مُشْتَرِيه) الثَّمَنُ (الْمُسَمَّى) فِي الْبَيْعِ، وَمَا أَخَذَهُ مِنْ الْعَبْدِ وَدَفَعَهُ لِسَيِّدِهِ، فَمَلَكَ السَّيِّدُ لَا يُحْسَبُ مِنْ الثَّمَنِ، وَوَلَاؤُهُ لِمُشْتَرٍ. (تَتِمَّةٌ): لَوْ قَالَ لِقِنِّهِ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ شَاءَ عَتَقَ فِي الْحَالِ.